کد مطلب:109893 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:133

خطبه 175-پند گرفتن از سخن خدا











ومن خطبة له علیه السلام

وفیها یعظ ویبیّن فضل القرآن وینهی عن البدعة

عظة الناس

انْتَفِعُوا بِبَیَانِ اللهِ، وَاتَّعِظُوا بِمَوَاعِظِ اللهِ، وَاقْبَلُوا نَصِیحَةَ اللهِ، فَإنَّ اللهَ تَعَالَی قَدْ أَعْذَرَ إلَیْكُمْ بِالْجَلِیَّةِ، وَاتَّخَذَ عَلَیْكُمْ الْحُجَّةَ، وَبَیَّنَ لَكُمْ مَحَابَّهُ مِنَ الْأَعْمَالِ، وَمَكَارِهَهُ مِنْهَا، لِتَتَّبِعُوا هذِهِ، وَتَجْتَنِبُوا هذِهِ، فَإنَّ رَسُولَ اللهِ-صَلَّی اللهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ-كَانَ یَقُولُ: «إنَّ الْجَنَّةَ حُفَّتْ بِالْمَكَارِهِ، وَإنَّ النَّارَ حُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ». وَاعْلَمُوا أنَّهُ مَا مِنْ طَاعَةِ اللهِ شَیْءٌ إلاَّ یَأْتی فِی كُرْهٍ، وَمَا مِنْ مَعْصِیَةِ اللهِ شَیءٌ إلاَّ یَأْتِی فِی شَهْوَةٍ. فَرَحِمَ اللهُ رَجُلاً نَزَعَ عَنْ شَهْوَتِهِ، وَقَمَعَ هَوَی نَفْسِهِ، فَإنَّ هذِهِ النَّفْسَ أَبْعَدُ شَیْءٍ مَنْزِعاً، وَإنَّهَا لاَ تَزَالُ تَنْزِعُ إِلَی مَعْصِیَةٍ فِی هَویً. وَاعْلَمُوا ـ عِبَادَ اللهِ ـ أَنَّ الْمُؤْمِنَ لاَ یُصْبِحُ وَلاَ یُمْسِی إلاَّ وَنَفْسُهُ ظَنُونٌ عِنْدَهُ، فَلاَ یَزَالُ زَارِیاً عَلَیْهَا وَمُسْتَزِیْداً لَهَا. فَكُونُوا كَالسَّابِقِینَ قَبْلَكُمْ، وَالْمَاضِینَ أَمَامَكُمْ. قَوَّضُوا مِنَ الدُّنْیَا تَقْوِیضَ الرَّاحِلِ، وَطَوَوْهَا طَیَّ الْمَنَازلِ.

فضل القرآن

وَاعْلَمُوا أَنَّ هذَا الْقُرْآنَ هُوَ النَّاصِحُ الَّذِی لاَ یَغُشُّ، وَالْهَادِی الَّذِی لاَ یُضِلُّ، وَالُْمحَدِّثُ الَّذِی لاَ یَكْذِبُ. وَمَا جَالَسَ هذَا الْقُرْآنَ أَحَدٌ إِلاَّ قَامَ عَنْهُ بِزِیَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ: زِیَادَةٍ فِی هُدیً، أَوْ نُقْصَانٍ مِنْ عَمیً. وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَیْسَ عَلَی أَحَدٍ بَعْدَ الْقُرْآنِ مِنْ فَاقَةٍ، وَلاَ لِأَحَدٍ قَبْلَ الْقُرْآنِ مِنْ غِنیً; فَاسْتَشْفُوهُ مِنْ أَدْوَائِكُمْ، وَاسْتَعِینُوا بِهِ عَلَی لَأْوَائِكُمْ، فَإنَّ فِیهِ شِفَاءً مِنْ أَكْبَرِ الدَّاءِ، وَهُوَ الْكُفْرُ وَالنِّفَاقُ، وَالْغَیُّ وَالضَّلاَلُ، فَاسْأَلُوا اللهَ بِهِ، وَتَوَجَّهُوا إِلَیْهِ بِحُبِّهِ، وَلاَ تَسْأَلُوا بِهِ خَلْقَهُ، إنَّهُ مَا تَوَجَّهَ الْعِبَادُ إلَی اللهِ بِمِثْلِهِ. وَاعْلَمُوا أَنَّهُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ، وَقَائِلٌ مُصَدَّقٌ، وَأَنَّهُ مَنْ شَفَعَ لَهُ الْقُرْآنُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ شُفِّعَ فِیهِ، وَمَنْ مَحَلَ بِهِ الْقُرْآنُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ صُدِّقَ عَلَیْه، فَإنَّهُ یُنَادِی مُنَادٍ یَوْمَ الْقِیَامةِ: أَلاَ إنَّ كُلَّ حَارِثٍ مُبْتَلیً فِی حَرْثِهِ وَعَاقِبَةِ عَمَلِهِ، غَیْرَ حَرَثَةِ الْقُرآنِ; فَكُونُوا مِنْ حَرَثَتِهِ وَأَتْبَاعِهِ، وَاسْتَدِلُّوهُ عَلی رِّبِّكُمْ، وَاسْتَنْصِحُوهُ عَلی أَنْفُسِكُمْ، وَاتَّهِمُوا عَلَیْهِ آرَاءَكُمْ، وَاسْتَغِشُّوا فِیهِ أَهْوَاءَكُمْ.

الحث علی العمل

الْعَمَلَ الْعَمَلَ، ثُمَّ النِّهَایَةَ النِّهَایَةَ، وَالْإِسْتَقَامَةَ الْإِسْتِقَامَةَ، ثُمَّ الصَّبْرَ الصَّبْرَ، وَالْوَرَعَ الْوَرَعَ! إنَّ لَكُمْ نِهَایَةً فَانْتَهُوا إلی نِهَایَتِكُمْ، وَإنَّ لَكُمْ عَلَماً فَاهْتَدُوا بِعَلَمِكُمْ، وَإنَّ لِلْإِسْلاَمِ غَایَةً فانْتَهُوا إلی غَایَتِهِ. وَاخْرُجُوا إلَی اللهِ بِمَا افْتَرَضَ عَلَیْكُمْ مِنْ حَقِّهِ، وَبَیَّنَ لكُمْ مِنْ وَظَائِفِهِ. أَنَا شَاهِدٌ لَكُمْ، وَحَجِیجٌ یَوْمَ الْقِیَامَةِ عَنْكُمْ.

نصائح للناس

أَلاَ وَإنَّ الْقَدَرَ السَّابِقَ قَدْ وَقَعَ، وَالْقَضَاءَ الْمَاضِیَ قَدْ تَوَرَّدَ، وَإنِّی مُتَكَلِّمٌ بِعِدَةِ اللهِ وَحُجَّتِهِ، قَالَ اللهُ تَعَالَی: (إِنَّ الَّذِینَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَیْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَنْ لاَ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِی كُنْتُمْ تُوعَدُونَ)، وَقَدْ قُلْتُمْ: (رَبُّنَا اللهُ)، فَاسْتَقِیمُوا عَلَی كِتَابِهِ، وَعَلَی مِنْهَاجِ أَمْرِهِ، وَعَلَی الطَّرِیقَةِ الصَّالِحَةِ مِنْ عِبَادتِهِ، ثُمَّ لاَ تَمْرُقُوا مِنْهَا، وَلاَ تَبْتَدِعُوا فِیهَا، وَلاَ تُخَالِفُوا عَنْهَا. فَإنَّ أَهْلَ الْمُرُوقِ مُنْقَطَعٌ بِهمْ عِنْدَ اللهِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ. ثُمَّ إیَّاكُمْ وَتَهْزِیعَ الْأَخْلاَقِ وَتَصْرِیفَهَا، وَاجْعَلُوا اللِّسَانَ وَاحِداً، وَلْیَخْتَزِنَ الرَّجُلُ لِسَانَهُ، فَإنَّ هذَا اللِّسَانَ جَمُوحٌ بِصَاحِبِهِ. وَاللهِ مَا أَرَی عَبْداً یَتَّقِی تَقْوَی تَنْفَعُهُ حَتَّی یَخْتَزِنَ لِسَانَهُ، وَإنَّ لِسَانَ الْمُؤْمِنِ مِنْ وَرَاءِ قَلْبِهِ، وَإنَّ قَلْبَ الْمُنَافِقِ مِنْ وَرَاءِ لِسَانِهِ: لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ إذَا أَرَادَ أَنْ یَتَكَلَّمَ بَكَلاَمٍ تَدَبَّرَهُ فِی نَفْسِهِ، فَإنْ كَانَ خَیْراً أَبْدَاهُ، وَإنْ كَانَ شَرّاً وَارَاهُ، وَإنَّ الْمُنَافِقَ یَتَكَلَّمُ بِمَا أَتَی عَلَی لِسَانِهِ لاَ یَدْرِی مَاذَا لَهُ، وَمَاذَا عَلَیْهِ. وَلَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ-صَلَّی اللهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ-: «لاَ یَسْتَقِیمُ إیمَانُ عَبْدٍ حَتَّی یَسْتَقِیمَ قَلْبُهُ. وَلاَ یَسْتَقِیمُ قَلْبُهُ حَتَّی یَسْتَقِیمَ لِسَانُهُ». فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ یَلْقَی اللهَ تَعَالَی وَهُوَ نَقِیُّ الرَّاحَةِ مِنْ دِمَاءِ الْمُسْلِمِینَ وَأَمْوَالِهِمْ، سَلِیمُ اللِّسَانِ مِنْ أَعْرَاضِهِمْ، فَلْیَفْعَلْ.

تحریم البدع

وَاعْلَمُوا عِبَادَ اللهِ أَنَّ الْمُؤمِنَ یَسْتَحِلُّ الْعَامَ مَا اسْتَحَلَّ عَاماً أَوَّلَ، وَیُحَرِّمُ الْعَامَ مَا حَرَّمَ عَاماً أَوَّلَ، وَأَنَّ مَا أَحْدَثَ النَّاسُ لاَ یُحِلُّ لَكُمْ شَیْئاً مِمَّا حُرِّمَ عَلَیْكُمْ، وَلكِنَّ الْحَلاَلَ مَا أَحَلَّ اللهُ، وَالْحَرَامَ مَا حَرَّمَ اللهُ، فَقَدْ جَرَّبْتُمُ الْأَمْورَ وَضَرَّسْتُمُوهَا، وَوُعِظْتُمْ بِمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَضُرِبَتِ الْأَمْثَالُ لَكُم، وَدُعِیتُمْ إلَی الْأَمْرِ الْوَاضِحِ; فَلاَ یَصَمُّ عَنْ ذلِكَ إلاَّ أَصَمُّ، وَلاَ یَعْمَی عَنْ ذَلِكَ إلاَّ أَعْمَی. وَمَنْ لَمْ یَنْفَعْهُ اللهُ بِالْبَلاَءِ وَالتَّجَارِبِ لَمْ یَنْتَفِعْ بِشَیْءٍ مِنَ الْعِظَةِ، وَأَتَاهُ الْتَّقْصِیرُ مِنْ أَمَامِهِ، حَتَّی یَعْرِفَ مَا أَنْكَرَ، وَیُنْكِرَ مَا عَرَفَ. وَإنَّمَا النَّاسُ رَجُلاَنِ: مُتَّبِعٌ شِرْعَةً، وَمُبْتَدِعٌ بِدْعَةً، لَیْسَ مَعَهُ مِنَ اللهِ سُبْحَانَهُ بُرْهَانُ سُنَّةٍ، وَلاَ ضِیاءُ حُجَّةٍ.

القرآن

وَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ لَمْ یَعِظْ أَحَداً بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ (حَبْلُ اللهِ الْمَتِینُ)، وَسَبَبُهُ الْأَمِینُ، وَفِیهِ رَبِیعُ الْقَلْبِ، وَیَنَابِیعُ الْعِلْمِ، وَمَا لِلْقَلْبِ جَلاَءٌ غَیْرُهُ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ الْمُتَذَكِّرُونَ، وَبَقِیَ النَّاسُونَ أَوِ الْمُتَنَاسُونَ. فَإِذَا رَأَیْتُمْ خَیْراً فَأَعِینُوا عَلَیْهِ، وَإِذَا رَأَیْتُمْ شَرّاً فَاذْهَبُوا عَنْهُ، فَإنَّ رَسُولَ اللهِ-صَلَّی اللهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ-كَانَ یَقُولُ: «یَابْنَ آدَمَ، اعْمَلِ الْخَیْرَ وَدَعِ الشَّرَّ، فَإِذَا أَنْتَ جَوَادٌ قَاصِدٌ».

أنواع الظلم

أَلاَ وَإنَّ الظُّلْمَ ثَلاَثَةٌ: فَظُلْمٌ لاَ یُغْفَرُ، وَظُلْمٌ لاَ یُتْرَكُ، وظُلْمٌ مَغْفُورٌ لاَ یُطْلَبُ. فَأَمَّا الظُّلْمُ الَّذِی لاَ یُغْفَرُ فَالشِّرْكُ بِاللهِ، قَالَ اللهُ تَعَالَی: (إنَّ اللهَ لاَ یَغْفِرُ أَنْ یُشْرَكَ بِهِ) وَأَمَّا الظُّلْمُ الَّذِی یُغْفَرُ فَظُلْمُ الْعَبْدِ نَفْسَهُ عِنْدَ بَعْضِ الْهَنَاتِ. وَأَمَّا الظُّلْمُ الَّذِی لاَ یُتْرَكُ فَظُلْمُ الْعِبَادِ بَعْضِهِمْ بَعْضاً. الْقِصَاصُ هُنَاكَ شَدِیدٌ، لَیْسَ هُوَ جَرْحاً بِالْمُدَی وَلاَ ضَرْباً بِالسِّیَاطِ، وَلكِنَّهُ مَا یُسْتَصْغَرُ ذلِكَ مَعَهُ. فَإِیَّاكُمْ وَالتَّلَوُّنَ فِی دِینِ اللهِ، فَإِنَّ جَمَاعَةً فِیَما تَكْرَهُونَ مِنَ الْحَقّ، خَیْرٌ مِنْ فُرْقَةٍ فِیَما تُحِبُّونَ مِنَ الْبَاطِلِ، وَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ لَمْ یُعْطِ أَحَداً بِفُرْقَةٍ خَیْراً مِمَّنْ مَضَی، وَلاَ مِمَّنْ بَقِیَ.

لزوم الطاعة

یَا أیُّهَا النَّاسُ طُوبی لِمَنْ شَغَلَهُ عَیْبُهُ عَنْ عُیُوبِ النَّاسِ، وَطُوبی لِمَنْ لَزِمَ بَیْتَهُ، وَأَكَلَ قُوتَهُ، وَاشْتَغَلَ بِطَاعَةِ رَبِّهِ، وَبَكَی عَلَی خَطِیئَتِهِ، فَكَانَ مِنْ نَفْسِهِ فِی شُغُلٍ، وَالنَّاسُ مِنْهُ فِی رَاحَةٍ!